فصل: فصل في التحذير من الزنا وآثاره في الدنيا والآخرة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موارد الظمآن لدروس الزمان



.فصل في التحذير من الزنا وآثاره في الدنيا والآخرة:

اعْلَمْ وفقنا الله وَإِيَّاكَ وَجَمِيع المسلمين لما يحبه ويرضاه أن الله جَلَّ وَعَلا من حكمته ورحمته ركب في الإِنْسَان شهوة الفرج تركيبًا قويًّا وجعل لها عَلَيْهِ سلطة شديدةً فإذا هاجت كانت أشد الشهوات عصيانًا على العقل فلا تقبل منه صرفًا ولا عدلاً فمن لم يجعله الله قوي الإرادة شجاعًا انقاد لها صاغرًا وأطاعها ذليلاً ولولا قوة هذه الشهوة التي جعلها الله وشدة سلطانها على الإِنْسَان لأبى أن يحتمل ما يترتب عَلَيْهَا من مشاق البيتوتة وتكاليف الزوجية وتربية الأولاد والكد والتعب من أجلهم والرضى بالآلام التي تنتابه إذا مرضوا أو أصيبوا بمكروهٍ.
فخلق الله هذه الشهوة من القوة من أوضح الدلالة على قدرة الخالق وكمال علمه وخبرته وجليل حكمته فإن الإِنْسَان مسوق إلى التناسل رغم أنفه ومسخر على احتمال كُلّ ما يترتب عَلَيْهِ من النصب ومَعَ ذَلِكَ فهو راضٍ كُلّ الرِّضَا.
وكَذَلِكَ المرأة لولا ما جعل الله فها من هذه الشهوة القوية ما كانت تستطيع حمل عبء الولادة والحمل ومشاق تربية الأولاد وهم صغار والسهر في الليالي والقيام على حراستهم ودفع الأضرار المكروهة عنهم وهم أطفال صغار واحتمال ما يعتريهم من الآلام وعدم الرَّاحَة وأيضًا فإن الله قَدْ خلق النساء على حالةٍ من الضعف لا يقدرن معها على احتمال تكاليف الحياة ومشاق الجهاد في معتركها.
فسخر الله لهن الرِّجَال يحملون عنهن كُلّ ما يعجزهن عن احتماله في سبيل حياتهن بدافع هذه الشهوة القوية التي أودعها العزيز الحكيم جَلَّ وَعَلا، ولولاها لما كَانَ للنساء هَذَا السُّلْطَان على النُّفُوس.
وإذا علمت ذَلِكَ من أن شهوة الفرج لها من القوة والتأثير هذه المكانة وأنها إنما خلقت لحكمة أرادها الله فاعْلَمْ أن العقل مسئول عن تصريف هذه الشهوة والوقوف معها عَنْدَ الحد الَّذِي خلقت من أجله ولا يتركها تهيج بالوسائل المختلفة بل يجب عَلَيْهِ أن يبعد عن كُلّ المناظر والأسباب التي تحركها وتبعثها إلى ما هُوَ ممنوع شرعًا. والأسباب التي تثير هذه الشهوة وتهيجها منها: النظر، والخلوة بالأجنبية، وحديث النفس، وتقدم الكلام على النظر والخلوة.
وشر مضار شهوة الفرج الزنا واللواط فالزنا اكبر الكبائر بعد الشرك والقتل وَهُوَ فاحشة مهلكة وجريمة موبقة وفساد لا تقف جرائمه عَنْدَ حد ولا تنتهي آثاره ونتائجه إلى غاية وَهُوَ ضلال في الدين وفساد في الأَخْلاق وانتهاك للحرمَاتَ والأعراض واستهتار بالشرف والمروءة، وداعية للبغضاء والعداوة.
وإليك ما قال أحد المتكلمين عَنْهُ: عاره يهدم البيوت الرفيعة ويطأطئ الرؤس العالية ويسود الوجوه البيض ويصبغ بأسود من القار أنصع العمائم بياضًا ويخرس الألسنة البليغة ويبدل أشجع النَّاس من شجاعتهم جبنًا لا يدانيه جبن ويهوي بأطول النَّاس أعناقًا وأسماهم مقامًا وأعرقهم عزًّا إلى هاوية من الذل والازدراء والحقارة لَيْسَ لها من قرارٍ.
وَهُوَ أقدر أنواع العار على نزع ثوب الجاه مهما تسع ونباهة الذكر مهما بعدت وإلباس ثوب من الخمول ينبو بالعيون عن أن تلفت إلى من كَانَ في بيوتهم لفتة احترامٍ وَهُوَ أي الزنا لطخة سوداء إذا لحقت تاريخ أسرة غمرت كُلّ صحائفه البيض وتركت العيون لا تَرَى منها إِلا سوادًا حالكًا.
وَهُوَ الذنب الظلوم الَّذِي إن كَانَ في قوم لا يقتصر على شين من قارفته من نسائهم بل يمتد شينه إلى من سواها مِنْهُمْ فيشينهن جميعًا شينًا يترك لهن من الأثر في أعين الناظرين ما يقضي على مستقبلهن النسوي وَهُوَ العار الَّذِي يطول عمره طولاً فقاتله الله من ذنب وقاتل فاعَلَيْهِ. اهـ.
وَقَالَ آخر:
إن الزنى يحط نَفْسهُ من سماء الفضيلة إلى حضيض الرذيلة ويصبح بمكَانَ من غضب الله ومقته عَظِيم ويكون عَنْدَ الخلق ممقوتًا وفي دنياه مهين الجانب عديم الشرف منحط الكرامة ساقط العدالة تزدريه العامة من الفاسقين وإن كَانَ على أخلاقهم ويسير في ركابهم.
وتبعد عَنْهُ الخاصة من ذوي المروءة والكرامة والشرف، مخافة أن يلوثهم ويعديهم بجربه ولا تقبل روايته ولا تسمَعَ شهادته ولا يرغب في مجاورته بل يبتعد عَنْهُ كُلّ البعد ويكون متهمًا في حركاته وسكناته وَجَمِيع حالاته ولا يرغب في مصادقته ومخالطته ومعاملته.
إن سار قال النَّاس: أين يذهب هَذَا المجرم؟ وإن قعد قَالُوا: لم قعد هَذَا الفاسق في هَذَا المكَانَ وإن صاحبته أو عاملته أخذوك بذنبه ورموك بما رموه به غالبًا وإن جاورته فأعظم النَّاس إخلاصًا لك ومعرفةً بك شك في نزاهتك وأبعد عن زيارتك يخشى أن يظن أنه يريد بيت هَذَا الفاسق ولو جَاءَ إليه لأمر ضروري أكثر التلفت عَسَى أن لا يراه أحد وَهُوَ حول باب هَذَا الدنس النذل المجرم.
وإن مشت معه أنثى من أقاربه ظنوها أجنبية منه جريًا على ما اشتهر به وعلم عَنْهُ وإن جَاءَ إلى بيت إنسان شريف لأمر ضروري اشمأز منه وحرص على التخلص منه بسرعة لا يراه أحد وَهُوَ عَنْدَ بابه وإن مشى مَعَ شريف لحاجة في النَّهَارَ ود الشريف أنه كَانَ بالليل لئلا يراه أحد وَهُوَ يمشي مَعَ هَذَا الدنس العرض الساقط نسأل الله العافية.
اللَّهُمَّ اجعلنا لكتابك من التالين، ولك به من العاملين وبما صرفت فيه من الآيات منتفعين، وإلى لذيذ خطابه مستمتعين، ولأوامره ونواهيه خاضعين وبالأعمال مخلصين، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوالدينَا وَلِجَمِيعِ المُسْلمين الأحياء مِنْهُمْ والمَيتين بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآله وصَحْبِهِ أَجْمَعِين.
رَأَيتُكَ فَيْمَا يُخْطِئُ النَّاسُ تَنظُرُ ** وَرَأسُكَ مِن مَاءِ الخَطيئةِ يَقْطُرُ

تَوَارَى بِجُدرانِ البُيوتِ عَنِ الوَرى ** وَأَنْتَ بِعَينِ اللَهِ لَو كُنتَ تَشعُرُ

وَتَخشى عُيونَ الناسِ أَن يَنظُروا بِها ** وَلَم تَخشَ عَينَ اللَهِ وَاللَهُ يَنظُرُ

وَكَمْ مِن قَبيحٍ قَد كَفى اللَهُ شَرَّهُ ** أَلا إِنَّهُ يَعفو القَبيحَ وَيَستُرُ

إِلى كَم تَعامى عَن أُمورٍ مِنَ الهُدى ** وَأَنْتَ إِذا مَرَّ الهَوى بِكَ تُبصِرُ

إِذا ما دَعاكَ الرُشدُ أَحجَمتَ دونَهُ ** وَأَنْتَ إِلى ما قادَكَ الغَيُّ تَبدُرُ

وَلَيْسَ يَقومُ الشُكرُ مِنكَ بِنِعمَةٍ ** وَلَكِن عَلَيكَ الشُكرُ إِن كُنتَ تَشكُرُ

وَما كُلُّ ما لَم تَأتِ إِلّا كَما مَضى ** مِنَ اللَهوِ في اللَذاتِ إِن كُنتَ تَذكُرُ

وَما هِيَ إِلّا تَرحَةٌ بَعدَ فَرحَةٍ ** كَذالِكَ شُربُ الدَهرِ يَصفو وَيَكدُرُ

كَأَنَّ الفَتى المُغتَرَّ لَم يَدرِ أَنَّهُ ** تَروحُ عَلَيْهِ الحادِثاتُ وَتَبكُرُ

أَجَدَّكَ أَمّا كُنتَ وَاللَهوُ غالِبٌ ** عَلَيكَ وَأَمّا السَهوُ مِنكا فَيَكثُرُ

وَأَمّا بَنو الدُّنْيَا فَفي غَفَلاتِهِم ** وَأَمّا يَدُ الدُّنْيَا فَتَفري وَتَجزُرُ

وَأَمّا جَميعُ الخَلقِ فيها فَمَيِّتٌ ** وَلَكِنَّ آجالاً تَطولُ وَتَقصُرُ

لَهَوتَ وَكَمْ مِن عِبرَةٍ قَد حَضَرتَها ** وَأَنْتَ تَرَى في ذَاك أَنَّكَ تَتْجُرُ

خُدِعتَ عَنِ الساعاتِ حَتّى غُبِنتَها ** وَغَرَّتكَ أَيّامٌ قِصارٌ وَأَشهُرُ

فَيا بانِيَ الدُّنْيَا لِغَيرِكَ تَبتَني ** وَيا عامِرَ الدُّنْيَا لِغَيرِكَ تَعمُرُ

وَمالَكَ إِلّا الصَبرُ وَالبِرُّ عُدَّةٌ ** وَإِلا اعتِبارٌ ثاقِبٌ وَتَفَكُّرُ

وأَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوالدينَا وَلِجَمِيعِ المُسْلمين، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآله وصَحْبِهِ أَجْمَعِين.

.موعظة:

عباد الله إن التوبة من الذُّنُوب مفتاح السعادة في هذه الدار وفي دار القرار، وإنما كانت التوبة كَذَلِكَ لأن بها يغفر الله الذُّنُوب جميعًا لا فرق بين صغارها والكبار ولأن التائب إذا صحت توبته بأن اجتمعت شروطها وانتفت الموانع يصبح التوبة أمينًا على دينه لا يخل بواجب من واجبات الإسلام فتوبوا عباد الله توبة نصوحًا لتستنير قلوبكم وأبدانكم بدل ظلمَاتَ كانت مخيمة عَلَيْهَا تثقلكم عن طاعة مولاكم وستجدون بإذن الله انشراحًا في صدوركم بدل انقباضها وضيقها فإن الذُّنُوب تؤثر على القُلُوب والأبدان انقباضًا يشتد على المصر على الذُّنُوب حتى يضيق به فسيح الأرجَاءَ ولك أيها التائب العامل بالطاعات الأمل القوي بتوالي الطاعات لأن الخيرات تنتج بإذن الله بعضها بعضًا ولك الأمل القوي بأن تنقاد لك الأرزاق بعد أن كانت ممتنعة فتصبح في يسر بعد أن كنت في إعسارٍ ولك الأمل في أن العداوات التي كانت بينك وبين الخلق تصبح بإذن الله حبًّا يلفت الأنظار ذَلِكَ أن الذُّنُوب والمعاصي هِيَ أسباب الشرور والعقوبات المؤلمَاتَ وأن المرء بالتوبة منها يرضي بديع الأَرْض والسماوات فتأكد أيها الأخ أن التوبة هِيَ الينبوع الفياض لكل خَيْر في الدُّنْيَا والآخِرَة فلا تشك في أن الله تَعَالَى يفيض من فضله وجوده ما يفيض على من أخلص الْعَمَل لجلاله فتب أيها الأخ واصدق في التوبة واسأله أن يبلغك بها رضوانه وأن يجعلك من حزبه المفلحين الَّذِينَ: {لاَ خَوْفٌ عَلَيْهمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} فتعيش وتموت وتبعث في رعاية ربك ولطفه وغيرك ممن لم يتوبوا في إهانته البالغة يتقلبون فعَلَيْكَ بالاعتماد على الله والتوكل عَلَيْهِ واللجَاءَ إليه دائمًا متضرعًا متملقًا خصوصًا في آخر الليل.
إِذَا وَجَدَ الإِنْسَان لِلْخَيْرِ فُرْصَةً ** وَلَمْ يَغْتَنِمْهَا فَهُوَ لا شَكَّ خَاسِرُ

وَهَلْ مِثْلَ تَالي اللَّيْلِ لِلْعَفْوِ مَوْسِمُ ** وَلَكِنْ فَأَيْنَ الْعَامِلُ الْمُتَبَادِرُ

لَبِسْتُ ثَوْبَ الرَّجَا وَالنَّاسُ قَدْ رَقَدُوا ** وَبِتُ أَشْكُو إِلَى مَوْلاي مَا أَجِدُ

فَقُلْتُ يَا أَمَلِي فِي كُلِّ نَائِبَةٍ ** وَمَنْ عَلَيْهِ لِكَشْفِ الضُّرِّ أَعْتَمِدُ

أَشْكُو إليك أُمُورًا أَنْتَ تَعْلَمُهَا ** مَالي إِلَى حَمْلِهَا صَبْرٌ وَلا جَلَدُ

وقَدْ مَدَدْتُ يَدِي بِالذُّلِّ مُبْتَهِلاً ** إليك يَا خَيْرَ مَنْ مُدَّتْ إليه يَدُ

فَلا تَرُدَنَّهَا يَا رَبُّ خَائِبَةً ** فَبَحْرُ جُودِكَ يُرْوِي كُلَّ مَنْ يَرِدُ

آخر:
عَطَاءُ ذِي الْعَرْشِ خَيْرٌ مِنْ عَطَائِكُمُ ** وَسَيْبُهُ وَاسِعٌ يُرْجَى وَيَنْتَظَرُ

أَنْتُمْ يُكَدِّرُ مَا تُعْطُونَ مِنَّتُكُمْ ** وَاللهُ يُعْطِي وَلا مَنٌّ وَلا كَدَرُ

لا حُكْمَ إِلا لِمَنْ تَمْضِي مَشِيئَتُهُ ** لا حُكْمَ إِلا لِمَنْ تَمْضِي مَشِيئَتُهُ

آخر:
شَادَ الْمُلُوكَ قُصُورَهُمْ فَتَحَصَّنُوا ** عَنْ كُلِّ طَالِبِ حَاجَةً أَوْ رَاغِبِ

غَالَوْا بِأَبْوَابِ الْحَدِيدِ لِعِزِّهَا ** وَتَتَوَّقُوا فِي قُبْحِ وَجْهِ الْحَاجِبِ

فَإِذَا تَلَطَّفَ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِمْ ** رَاجٍ تَلَقَّوْهُ بِوَعْدٍ كَاذِبِ

فَاقْصِدْ إِلَى مَلِكِ الْمُلُوكِ وَلا تَكُنْ ** يَا ذَا الضَّرَاعَةِ طَالِبًا مِنْ طَالِب

اللَّهُمَّ وفقنا للتوبة النصوح، وَاجْعَلْنَا ممن يغدو مشمرًا في طاعتك ويروح وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوالدينَا وَلِجَمِيعِ المُسْلمين بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآله وصَحْبِهِ أَجْمَعِين.

.فَصْل في ذكر أدلة تحريم الزنا:

قال الله تَعَالَى: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً}، وَقَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً}.
ومن السنة ما ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ». الْحَدِيث رواه البخاري ومسلم.
عَنْ ابْن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ». رواه البخاري ومسلم.
وعن عَائِشَة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يشهد أن لا إله إِلا الله، وأن محمدًا رسول الله إِلا في إحدى ثَلَاثٍ زِنًا بَعْدَ إِحْصَانٍ فإنه يرجم ورجل خَرَجَ محاربًا لله ولرسوله، فإنه يقتل، أو يصلب، أو ينفى من الأَرْض أو يقتل نفسًا فيقتل بها». رواه أبو دلود والنسائي.
عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وسلم قال: «تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد: هل من داع فيستجاب له، هل من سائل فيعطى، هل من مكروب فيفرج عَنْهُ، فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إِلا استجاب الله عَزَّ وَجَلَّ له، إِلا زانية تسعى بفرجها، أو عشارًا». وفي رواية: «إن الله يدنو من خلقه فيغفر لمن يستغفر إِلا لبغي بفرجها أو عشار». رواه أَحَمَد والطبراني.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ- حِينَ نَزَلَتْ آيَةُ الْمُلاعَنَةِ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ فَلَيْسَتْ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْء وَلَنْ يُدْخِلَهَا اللَّهُ جَنَّتَهُ وَأَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إليه احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ». رواه أبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه.
وعن ابن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: سألت رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وسلم: أي الذنب أعظم عَنْدَ الله؟ قال: «أن تجعل لله ندًا وَهُوَ خلقك». قُلْتُ: إن ذَلِكَ لعَظِيم، ثُمَّ أي؟ قال: «أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك». قُلْتُ: ثُمَّ أي؟ قال: «أَنْتَ تزاني حليلة جارك». رواه البخاري ومسلم ورواه الترمذي والنسائي.
وعن المقداد بن الأسود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وسلم لأصحابه: «ما تقولون في الزنا؟» قَالُوا: حرام حرمه الله عَزَّ وَجَلَّ ورسوله فهو حرام إلى يوم القيامة. فَقَالَ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وسلم لأصحابه: «لأن يزني الرجل بعشر نسوةٍ، أيسر عَلَيْهِ من أن يزني بامرأة جاره». رواه أَحَمَد ورواته ثقات والطبراني في الكبير والأوسط.
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ حَدِيثًا عَنْهُمَا لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ إِلَّا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ حَتَّى عَدَّ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَلَكِنِّي سَمِعْتُهُ أَكَثَرَ مِنْ ذَلِكَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كَانَ الْكِفْلُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَانَ لَا يَتَوَرَّعُ مِنْ ذَنْبٍ عَمِلَهُ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَأَعْطَاهَا سِتِّينَ دِينَارًا عَلَى أَنْ يَطَأَهَا فَلَمَّا أَرَادَهَا عَلَى نَفْسِهَا ارْتَعَدَتْ وَبَكَتْ فَقَالَ: مَا يُبْكِيكِ؟ قَالَتْ: لأنَّهُ عَمَلٌ مَا عَمِلْتُهُ قَطُّ وَمَا حَمَلَنِي عَلَيْهِ إِلَّا الْحَاجَةُ فَقَالَ: تَفْعَلِينَ أَنْتَ هَذَا مِنْ مَخَافَةِ اللهِ فَانَا أَحْرَى اذْهَبِي فََلِكَ مَا أَعْطَيْتُكَ وَوَاللَّهِ لَا أَعْصِيهِ بَعْدَهَا أَبَدًا فَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ فَأَصْبَحَ مَكْتُوبًا عَلَى بَابِهِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لِلْكِفْلِ فَعَجَبَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ». رواه الترمذي وَقَالَ: حديث حسن وابن حبان في صحيحه والحاكم وَقَالَ: صحيح الإسناد.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وسلم قال: «إذا ظهر الزنا والربا في قوم، فقَدْ أحلوا بأنفسهم عذابًا». رواه الحاكم وَقَالَ: صحيح الإسناد.
وَعَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حُرْمَةُ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ مَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ الْقَاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلًا مِنْ الْمُجَاهِدِينَ فِي أَهْلِهِ فَيَخُونُهُ إِلَّا وَقَفَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَأْخُذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ مَا شَاءَ، حَتَّىَ يَرْضَى». ثُمَّ الْتَفَتَ إلينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «فَمَا ظَنُّكُمْ؟» رواه مسلم وَأَبُو دَاود.
وروى أبو يعلى وأَحَمَد وابن حبان في صحيحه والحاكم وصححه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ من حديث: «وَمَنْ مَاتَ مُدْمِنُ خَمْرْ سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ نَهْرِ الْغُوطَةِ». قِيلَ: وَمَا نَهْرُ الْغُوطَةِ؟ قَالَ: «نَهْرٌ يَجْرِي مِنْ فُرُوجِ الْمُومِسَاتِ يُؤْذِي أَهْلَ النَّارِ رِيحُ فُرُوجِهِمْ».
تَبِيتُ عَلَى الْمَعَاصِي وَالْمَسَاوِي ** فَأَنْتَ بِغَفْلَةٍ وَاللهِ بِتَّا

يُدِيمُ عَلَيْكَ إِحْسَانًا وَفَضْلاً ** وَأَنْتَ تُدِيمُ لُؤْمًا أَيْنَ كُنْتَا

وَبِالْعِصْيَانِ تَخْطُر بِاخْتِيَالٍ ** سَكَرْتَ مِنَ الْغُرُور وَمَا صَحَوْتَا

أَفِقْ مِنْ غَفْلَةٍ وَأَنِبْ لِرَبَّ ** تَنَلْ مِنْهُ السَّمَاحَ إِذَا أَنَبْتَا

وَتَظْفَرُ بِالْقُبُولِ وَبِالأَمَانِي ** وَفِي الدَّارَيْنِ بِالإِسْعَادِ فُزْتَا

اللَّهُمَّ ارحم غربتنا في القبور وآمنا يوم البعث والنشور وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوالدينَا وَلِجَمِيعِ المُسْلمين بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآله وصَحْبِهِ أَجْمَعِين.